فصل: من فوائد الجصاص في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الجصاص في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
ومن سورة التحريم:
بِسْمِ الله الرّحْمنِ الرّحِيمِ
قال الله تعالى: {يا أيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك} رُوِي فِي سببِ نُزُولِ الْآيةِ وُجُوهٌ: أحدُها: أنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يشْربُ ويأْكُلُ عِنْد زيْنب، فتواطأتْ عائِشةُ وحفْصةُ على أنْ تقولا لهُ: نجِدُ مِنْك رِيح الْمغافِيرِ، قال: «بلْ شرِبْت عِنْدها عسلا ولنْ أعُود لهُ»، فنزلتْ: {يا أيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك}.
وقِيل: إنّهُ شرِب عِنْد حفْصة، وقِيل: عِنْد سوْدة، وأنّهُ حرّم الْعسل؛ وفِي بعْضِ الرِّواياتِ: «والله لا أذُوقُهُ» وقِيل: إنّهُ أصاب مارِية الْقِبْطِيّة فِي بيْتِ حفْصة، فعلِمتْ بِهِ فجزِعتْ مِنْهُ، فقال لها: «ألا ترْضيْن أنْ أُحرِّمها فلا أقْربُها؟» قالتْ: بلى؛ فحرّمها وقال: «لا تذْكُرِي ذلِك لِأحدٍ»، فذكرتْهُ لِعائِشة، فأظْهرهُ الله عليْهِ وأنْزل عليْهِ: {يا أيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك} الْآية رواهُ مُحمّدُ بْنُ إِسْحاق عنْ الزُّهْرِيِّ عنْ عُبيْدِ الله بْنِ عبْدِ الله عنْ ابْنِ عبّاسٍ عنْ عُمر بْنِ الْخطّابِ بِذلِك.
قال أبُو بكْرٍ: وجائِزٌ أنْ يكُون الْأمْرانِ جمِيعا قدْ كانا مِنْ تحْرِيمِ مارِية وتحْرِيمِ الْعسلِ، إلّا أنّ الْأظْهر أنّهُ حرّم مارِية وأنّ الْآية فِيها نزلتْ؛ لِأنّهُ قال: {تبْتغِي مرْضات أزْواجِك}، وليْس فِي ترْكِ شُرْبِ الْعسلِ رِضا أزْواجِهِ، وفِي ترْكِ قُرْبِ مارِية رِضاهُنّ فرُوِي فِي الْعسلِ أنّهُ حرّمهُ، ورُوِي أنّهُ حلف أنْ لا يشْربهُ وأمّا مارِيةُ فكان الْحسنُ يقول: حرّمها؛ وروى الشّعْبِيُّ عنْ مسْرُوقٍ أنّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم آلى وحرّم، فقِيل لهُ: الْحرامُ حلالٌ وأمّا الْيمِينُ فقدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ، وقال مُجاهِدٌ وعطاءٌ: حرّم جارِيتهُ، وكذلِك رُوِي عنْ ابْنِ عبّاسٍ وغيْرِهِ مِنْ الصّحابةِ وأمّا قول منْ قال: إنّهُ حرّم وحلف أيْضا، فإِنّ ظاهِر الْآيةِ لا يدُلُّ عليْهِ وإِنّما فِيها التّحْرِيمُ فقطْ، فغيْرُ جائِزٍ أنْ يُلْحق بِالْآيةِ ما ليْس فِيها، فوجب أنْ يكُون التّحْرِيمُ يمِينا لِإِيجابِ الله تعالى فِيها كفّارة يمِينٍ بِإِطْلاقِ لفْظِ التّحْرِيمِ.
ومِنْ النّاسِ منْ يقول: لا فرْق بيْن التّحْرِيمِ والْيمِينِ؛ لِأنّ الْيمِين تحْرِيمٌ للمحْلُوفِ عليْهِ والتّحْرِيم أيْضا يمِينٌ؛ وهذا عِنْد أصْحابِنا يخْتلِفُ فِي وجْهٍ ويتّفِقُ فِي وجْهٍ آخر، فالْوجْهُ الّذِي يُوافِقُ الْيمِينُ فِيهِ التّحْرِيم أنّ الْحِنْث فِيهِما يُوجِبُ كفّارة الْيمِينِ، والْوجْهُ الّذِي يخْتلِفانِ فِيهِ أنّهُ لوْ حلف أنّهُ لا يأْكُلُ هذا الرّغِيف فأكل بعْضهُ لمْ يحْنثْ، ولوْ قال: قدْ حرّمْت هذا الرّغِيف على نفْسِي. فأكل مِنْهُ الْيسِير حنِث ولزِمتْهُ الْكفّارةُ؛ لِأنّهُمْ شبّهُوا تحْرِيمهُ الرّغِيف على نفْسِهِ بِمنْزِلةِ قولهِ والله لا أكلْت مِنْ هذا الرّغِيفِ شيْئا، تشْبِيها لهُ بِسائِرِ ما حرّمهُ الله مِنْ الْميْتةِ والدّمِ أنّهُ اقْتضى تحْرِيم الْقلِيلِ مِنْهُ والْكثِيرِ.
واخْتلف السّلفُ فِي الرّجُلِ يُحرِّمُ امْرأتهُ، فرُوِي عنْ أبِي بكْرٍ وعُمر وابْنِ مسْعُودٍ وزيْدِ بْنِ ثابِتٍ وابْنِ عُمر: أنّ الْحرام يمِينٌ، وهُو قول الْحسنِ وابْنِ الْمُسيِّبِ وجابِرِ بْنِ زيْدٍ وعطاءٍ وطاوُسٍ ورُوِي عنْ ابْنِ عبّاسٍ رِوايةٌ مِثْلُهُ، ورُوِي عنْهُ غيْرُ ذلِك وعنْ علِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ وزيْدِ بْنِ ثابِتٍ رِوايةٌ وابْنِ عُمر رِوايةٌ وأبِي هُريْرة وجماعةٍ مِنْ التّابِعِين قالوا: هِي ثلاثٌ. وروى خُصيْفٌ عنْ سعِيدِ بْنِ جُبيْرٍ عنْ ابْنِ عبّاسٍ أنّهُ كان يقول فِي الْحرامِ بِمنْزِلةِ الظِّهارِ وروى منْصُورٌ عنْ سعِيدِ بْنِ جُبيْرٍ عنْ ابْنِ عبّاسٍ قال: النّذْرُ والْحرامُ إذا لمْ يُسمّ مُغلّظةٌ، فتكُونُ عليْهِ رقبةٌ أوْ صِيامُ شهْريْنِ مُتتابِعيْنِ أوْ إطْعامُ سِتِّين مِسْكِينا.
وروى ابْنُ جُبيْرٍ عنْ ابْنِ عبّاسٍ أيْضا: إذا حرّم الرّجُلُ امْرأتهُ فهِي يمِينٌ يُكفِّرُها، أما لكُمْ فِي رسُولِ الله أُسْوةٌ حسنةٌ. وهذا محْمُولٌ على أنّهُ إذا لمْ تكُنْ لهُ نِيّةٌ فهُو بِمنْزِلةِ يمِينٍ، وأنّهُ إنْ أراد الظِّهار كان ظِهارا.
وقال مسْرُوقٌ ما أُبالِي إيّاها حرّمْت أوْ قصْعة مِنْ ثرِيدٍ. وعنْ أبِي سلمة بْنِ عبْدِ الرّحْمنِ: ما أُبالِي حرّمْت امْرأتِي أوْ ماء فُراتا.
قال أبُو بكْرٍ: وليْس فِيهِ دلالةٌ على أنّهُمْ لمْ يروْهُ يمِينا؛ لِأنّهُ لا جائِز أنْ يكُون قولهُما فِي تحْرِيمِ الثّرِيدِ والْماءِ أنّهُ يمِينٌ، فكأنّهُما لمْ يريا ذلِك طلاقا؛ وكذلِك نقول: إنّهُ ليْس بِطلاقٍ إلّا أنْ ينْوِيهُ، فلمْ تظْهرْ مُخالفةُ هذيْنِ لِمنْ ذكرْنا قولهُمْ مِنْ الصّحابةِ واتِّفاقهُمْ على أنّ هذا الْقول ليْس بِلغْوٍ وأنّهُ إمّا أنْ يكُون يمِينا أوْ طلاقا أوْ ظِهارا واخْتلف فُقهاءُ الْأمْصارِ فِي الْحرامِ، فقال أصْحابُنا: إنْ نوى الطّلاق فواحِدةٌ بائِنةٌ إلّا أنْ ينْوِي ثلاثا، وإِنْ لمْ ينْوِ طلاقا فهُو يمِينٌ وهُو مُولٍ. وذكر ابْنُ سِماعة عنْ مُحمّدٍ: أنّهُ إنْ نوى ظِهارا لمْ يكُنْ ظِهارا؛ لِأنّ الظِّهار أصْلُهُ بِحرْفِ التّشْبِيهِ. وروى ابْنُ شُجاعٍ عنْ أبِي يُوسُف فِي اخْتِلافِ زُفر وأبِي يُوسُف: أنّهُ إنْ نوى ظِهارا كان ظِهارا. وقال ابْنُ أبِي ليْلى: هِي ثلاثٌ ولا أسْألُهُ عنْ نِيّتِهِ. وقال مالِكٌ فِيما ذكر عنْهُ ابْنُ الْقاسِمِ: الْحرامُ لا يكُونُ يمِينا فِي شيْءٍ إلّا أنْ يُحرِّم امْرأتهُ فيلْزمُهُ الطّلاقُ، وهُو ثلاثٌ، إلّا أنْ ينْوِي واحِدة أوْ ثِنْتيْنِ فيكُون على ما نوى. وقال الثّوْرِيُّ: إنْ نوى ثلاثا فثلاثٌ، وإِنْ نوى واحِدة فواحِدةٌ بائِنةٌ، وإِنْ نوى يمِينا فهِي يمِينٌ يُكفِّرُها، وإِنْ لمْ ينْوِ فُرْقة ولا يمِينا فليْس بِشيْءٍ هِي كِذْبةٌ..
وقال الْأوْزاعِيُّ: هُو على ما نوى، وإِنْ لمْ ينْوِ شيْئا فهُو يمِينٌ. وقال عُثْمانُ الْبتِّيُّ هُو بِمنْزِلةِ الظِّهارِ. وقال الشّافِعِيُّ: ليْس بِطلاقٍ حتّى ينْوِي فإِذا نوى فهُو طلاقٌ على ما أراد مِنْ عددِهِ، وإِنْ أراد تحْرِيمها بِلا طلاقٍ فعليْهِ كفّارةُ يمِينٍ وليْس بِمُولٍ.
قال أبُو بكْرٍ: قدْ جعل أصْحابُنا التّحْرِيم يمِينا إذا لمْ تُقارِنْهُ نِيّةُ الطّلاقِ إذا حرّم امْرأتهُ، فيكُونُ بِمنْزِلةِ قولهِ لها: والله لا أقْربُك. فيكُونُ مُولِيا، وأمّا إذا حرّم غيْر امْرأتِهِ مِنْ الْمأْكُولِ والْمشْرُوبِ وغيْرِهِما فإِنّهُ بِمنْزِلةِ قولهِ: والله لا آكُلُ مِنْهُ والله لا أشْربُ مِنْهُ. ونحْو ذلِك، لِقوله تعالى: {لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك} ثُمّ قال: {قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ}، فجعل التّحْرِيم يمِينا، فصارتْ الْيمِينُ فِي مضْمُونِ لفْظِ التّحْرِيمِ ومُقْتضاهُ فِي حُكْمِ الشّرْعِ، فإِذا أطْلق كان محْمُولا على الْيمِينِ إلّا أنْ ينْوِي غيْرها فيكُونُ ما نوى، فإِذا حرّم امْرأتهُ وأراد الطّلاق كان طلاقا لِاحْتِمالِ اللفْظِ لهُ؛ وكُلُّ لفْظٍ يحْتمِلُ الطّلاق ويحْتمِلُ غيْرهُ فإِنّهُ متى أراد بِهِ الطّلاق كان طلاقا، والْأصْلُ فِيهِ قول النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِرُكانة حِين طلّق امْرأتهُ ألْبتّة: «بِالله ما أردْت إلّا واحِدة» فتضمّن ذلِك معْنييْنِ: أحدُهُما: أنّ كُلّ لفْظٍ يحْتمِلُ الثّلاث ويحْتمِلُ غيْرها فإِنّهُ متى أراد الثّلاث كان ثلاثا، لوْلا ذلِك لمْ يسْتحْلِفْهُ عليْها.
والثّانِي: أنّهُ لمْ يلْزمْهُ الثّلاثُ بِوُجُودِ اللفْظِ وجعْلِ الْقول قولهُ للاحْتِمالِ فِيهِ، فصار ذلِك أصْلا فِي أنّ كُلّ لفْظٍ يحْتمِلُ الطّلاق وغيْرهُ أنّا لا نجْعلُهُ طلاقا إلّا بِمُقارنةِ الدّلالةِ لِإِرادةِ الطّلاقِ ومما يدُلُّ على أنّ اللفْظ الْمُحْتمِل للطّلاقِ يجُوزُ إيقاعُ الطّلاقُ بِهِ وإِنْ لمْ يكُنْ طلاقا فِي نفْسِهِ، أنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لِسوْدةِ: «اعْتدِّي» ثُمّ راجعها فأوْقع الطّلاق بِقولهِ: «اعْتدِّي» لاحْتِمالِهِ لهُ، ولا نعْلمُ أحدا مِنْ السّلفِ منع إيقاع الطّلاقِ بِلفْظِ التّحْرِيمِ، ومنْ قال مِنْهُمْ: هُو يمِينٌ فإِنّما أراد بِهِ عِنْدنا إذا لمْ تكُنْ لهُ نِيّةُ الطّلاقِ ولمْ تُقارِنْهُ دلالةُ الْحالِ.
وزعم مالِكٌ أنّ منْ حرّم على نفْسِهِ شيْئا غيْر امْرأتِهِ أنّهُ لا يلْزمُهُ بِذلِك شيْءٌ وأنّ ذلِك ليْس بِيمِينٍ، وقدْ اقْتضى قوله تعالى: {يا أيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك} مِنْ كوْنِهِ يمِينا، لِقوله تعالى: {قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ} وأنّهُ لا يجُوزُ إسْقاطُ مُوجبِ هذا اللفْظِ مِنْ كوْنِ الْحرامِ يمِينا بِرِوايةِ منْ روى أنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم حلف أنْ لا يشْرب الْعسل، إذْ غيْرُ جائِزٍ الِاعْتِراضُ على حُكْمِ القرآن بِخبرِ الْواحِدِ؛ ولِأنّ منْ روى الْيمِين يجُوزُ أنْ يكُون إنّما عنى بِهِ التّحْرِيم وحْدهُ؛ إذْ كان التّحْرِيمُ يمِينا ويدُلُّ مِنْ جِهةِ النّظرِ على أنّ التّحْرِيم يمِينٌ أنّ الْمُحرِّم للشّيْءِ على نفْسِهِ قدْ اقْتضى لفْظُهُ إيجاب الِامْتِناعِ مِنْهُ كالْأشْياءِ الْمُحرّمةِ، وذلِك فِي معْنى النّذْرِ وقول الْقائِلِ: لله عليّ أنْ لا أفْعل ذلِك. فلمّا كان النّذْرُ يمِينا بِالسُّنّةِ واتِّفاقِ الْفُقهاءِ وجب أنْ يكُون تحْرِيمُ الشّيْءِ بِمنْزِلةِ النّذْرِ فتجِبُ فِيهِ كفّارةُ يمِينٍ إذا حنِث كما تجِبُ فِي النّذْرِ.
وقوله تعالى: {يا أيُّها الّذِين آمنُوا قُوا أنْفُسكُمْ وأهْلِيكُمْ نارا} رُوِي عنْ علِيٍّ فِي قولهِ: {قُوا أنْفُسكُمْ وأهْلِيكُمْ} قال: «علِّمُوا أنْفُسكُمْ وأهْلِيكُمْ الْخيْر» وقال الحسن: تُعلِّمُهُمْ وتأْمُرُهُمْ وتنْهاهُمْ.
قال أبُو بكْرٍ: وهذا يدُلُّ على أنّ عليْنا تعْلِيم أوْلادِنا وأهْلِينا الدِّين والْخيْر وما لا يُسْتغْنى عنْهُ مِنْ الْآدابِ، وهُو مِثْلُ قوله تعالى: {وأْمُرْ أهْلك بِالصّلاةِ واصْطبِرْ عليْها} ونحْو قولهِ تعالى للنّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {وأنْذِرْ عشِيرتك الْأقْربِين} ويدُلُّ على أنّ للأقْربِ فالْأقْربِ مِنّا مزِيّةٌ بِهِ فِي لُزُومِنا تعْلِيمهُمْ وأمْرهُمْ بِطاعةِ الله تعالى، ويشْهدُ لهُ قول النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مسْئُولٌ عنْ رعِيّتِهِ» ومعْلُومٌ أنّ الرّاعِي كما عليْهِ حِفْظُ منْ اُسْتُرْعِي وحِمايتُهُ والْتِماسُ مصالِحِهِ فكذلِك عليْهِ تأْدِيبُهُ وتعْلِيمُهُ؛ وقال عليه السلام: «فالرّجُلُ راعٍ على أهْلِهِ وهُو مسْئُولٌ عنْهُمْ والْأمِيرُ راعٍ على رعِيّتِهِ وهُو مسْئُولٌ عنْهُمْ».
وحدّثنا عبْدُ الْباقِي بْنُ قانِعٍ قال: حدّثنا إسْماعِيلُ بْنُ الْفضْلِ بْنِ مُوسى قال: حدّثنا مُحمّدُ بْنُ عبْدِ الله بْنِ حفْصٍ قال: حدّثنا مُحمّدُ بْنُ مُوسى السّعْدِيُّ عنْ عمْرِو بْنِ دِينارٍ قهْرمانِ آلِ الزُّبيْرِ عنْ سالِمٍ عنْ أبِيهِ عنْ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما نحل والِدٌ ولدا خيْرا مِنْ أدبٍ حسنٍ» وحدّثنا عبْدُ الْباقِي قال: حدّثنا الْحضْرمِيُّ قال: حدّثنا جُبارةُ قال: حدّثنا مُحمّدُ بْنُ الْفضْلِ عنْ أبِيهِ عنْ عطاءٍ عنْ ابْنِ عبّاسٍ قال: قال النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «حقُّ الْولدِ على والِدِهِ أنْ يُحْسِن اسْمهُ ويُحْسِن أدبهُ».
وحدّثنا عبْدُ الْباقِي قال: حدّثنا عبْدُ الله بْنُ مُوسى بْنِ أبِي عُثْمان قال: حدّثنا يحْيى بْنُ معِينٍ قال: حدّثنا مُحمّدُ بْنُ ربِيعة قال: حدّثنا مُحمّدُ بْنُ الْحسنِ مِنْ عطِيّة قال: حدّثنا مُحمّدُ بْنُ عبْدِ الرّحْمنِ عنْ أبِي هُريْرة قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بلغ أوْلادُكُمْ سبْع سِنِين فعلِّمُوهُمْ الصّلاة، وإِذا بلغُوا عشْر سِنِين فاضْرِبُوهُمْ عليْها، وفرِّقُوا بيْنهُمْ فِي الْمضاجِعِ».
وقوله تعالى: {يا أيُّها النّبِيُّ جاهِدْ الْكُفّار والْمُنافِقِين واغْلُظْ عليْهِمْ ومأْواهُمْ جهنّمُ} قال الحسن: أكْثرُ منْ كان يُصِيبُ الْحُدُود فِي ذلِك الزّمانِ الْمُنافِقُون، فأُمِر أنْ يغْلُظ عليْهِمْ فِي إقامةِ الْحدِّ.
وقِيل: جِهادُ الْمُنافِقِين بِالْقول وجِهادُ الْكُفّارِ بِالْحرْبِ.
وقال أبُو بكْرٍ: فِيهِ الدّلالةُ على وُجُوبِ الْغِلْظةِ على الْفرِيقيْنِ مِنْ الْكُفّارِ والْمُنافِقِين ونهْيٌ عنْ مُقارنتِهِمْ ومُعاشرتِهِمْ، ورُوِي عنْ ابْنِ مسْعُودٍ قال: إذا لمْ تقْدِرُوا أنْ تُنْكِرُوا على الْفاجِرِ فالْقوْهُ بِوجْهٍ مُكْفهِرٍّ. وقوله تعالى: {فخانتاهُما}، قال ابْنُ عبّاسٍ: كانتا مُنافِقتيْنِ ما زنتْ امْرأةُ نبِيٍّ قطُّ. وكانتْ خِيانتُهُما أنّ امْرأة نُوحٍ عليه السلام كانتْ تقول للنّاسِ: إنّهُ مجْنُونٌ، وكانتْ امْرأةُ لُوطٍ عليه السلام تدُلُّ على الضّيْفِ.
آخِرُ سُورةِ التّحْرِيمِ. اهـ.

.من فوائد ابن العربي في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
سورة التحريم فِيها ثلاثُ آياتٍ:
الْآيةُ الْأُولى قوله تعالى: {يأيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك تبْتغِي مرْضاة أزْواجِك والله غفُورٌ رحِيمٌ} فِيها خمْسُ مسائِل:
المسألة الْأُولى:
فِي سببِ نُزُولِها:
اخْتلف الْمُفسِّرُون فِيها على ثلاثةِ أقْوالٍ:
الْأوّلُ: أنّ سبب نُزُولِها الْموْهُوبةُ الّتِي جاءتْ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالتْ: إنِّي وهبْت لك نفْسِي. فلمْ يقْبلْها. رواهُ عِكْرِمةُ عنْ ابْنِ عبّاسٍ.
الثّانِي: أنّها نزلتْ فِي شأْنِ مارِية أُمِّ إبْراهِيم، خلا بِها رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي بيْتِ حفْصة، وقدْ خرجتْ لِزِيارةِ أبِيها، فلمّا عادتْ وعلِمتْ عتبتْ عليْهِ، فحرّمها رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم على نفْسِهِ إرْضاء لِحفْصة، وأمرها ألّا تُخْبِر أحدا مِنْ نِسائِهِ، فأخْبرتْ بِذلِك عائِشة لِمُصافاةٍ كانتْ بيْنهُما؛ فطلّق النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حفْصة، واعْتزل نِساءهُ شهْرا، وكان جعل على نفْسِهِ أنْ يُحرِّمهُنّ شهْرا؛ فأنْزل الله هذِهِ الْآية، وراجع حفْصةُ، واسْتحلّ مارِية، وعاد إلى نِسائِهِ؛ قالهُ الْحسنُ، وقتادةُ، والشّعْبِيُّ، وجماعةٌ.
واخْتلفُوا هلْ حرّم النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مارِية بِيمِينٍ على قوليْنِ: فقال قتادةُ والْحسنُ، والشّعْبِيُّ: حرّمها بِيمِينٍ.
وقال غيْرُهُمْ: إنّهُ حرّمها بِغيْرِ يمِينٍ، ويُرْوى عنْ ابْنِ عبّاسٍ.
الثّالِثُ: ثبت فِي الصّحِيحِ واللفْظُ للجُعْفِيِّ عنْ عُبيْدِ بْنِ عُميْرٍ، عنْ عائِشة قالتْ: كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يشْربُ عسلا عِنْد زيْنب بِنْتِ جحْشٍ، ويمْكُثُ عِنْدها فتواصيْت أنا وحفْصةُ على أيّتِنا دخل عليْها فلْتقُلْ لهُ: أكلْت مغافِير، إنِّي أجِدُ مِنْك رِيح مغافِير.
قال: «لا، ولكِنِّي شرِبْت عسلا عِنْد زيْنب بِنْتِ جحْشٍ، ولنْ أعُود لهُ، وقدْ حلفْت لا تُخْبِرِي أحدا». يبْتغِي مرْضاة أزْواجِهِ.
وفِي صحِيحِ مُسْلِمٍ أنّهُ شرِبهُ عِنْد حفْصة، وذكر نحْوا مِنْ الْقِصّةِ، وكذلِك روى أشْهبُ عنْ مالِكٍ.
والْأكْثرُ فِي الصّحِيحِ أنّهُ عِنْد زيْنب، وأنّ اللتيْنِ تظاهرتا عليْهِ عائِشةُ وحفْصةُ.
وروى ابْنُ أبِي مُليْكة عنْ ابْنِ عبّاسٍ أنّهُ شرِبهُ عِنْد سوْدة.
وروى أسْباطٌ عنْ السُّدِّيِّ أنّهُ شرِبهُ عِنْد أُمِّ سلمة، وكُلُّهُ جهْلٌ وتسوُّرٌ بِغيْرِ عِلْمٍ.
المسألة الثّانِيةُ:
أمّا منْ روى أنّ الْآية نزلتْ فِي الْموْهُوبةِ فهُو ضعِيفٌ فِي السّندِ، وضعِيفٌ فِي الْمعْنى؛ أمّا ضعْفُهُ فِي السّندِ فلِعدمِ عدالةِ رُواتِهِ، وأمّا ضعْفُهُ فِي معْناهُ فلِأنّ ردّ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم للموْهُوبةِ ليْس تحْرِيما لها؛ لِأنّ منْ ردّ ما وُهِب لهُ لمْ يحْرُمْ عليْهِ، وإِنّما حقِيقتُهُ التّحْرِيمِ بعْد التّحْلِيلِ.
وأمّا منْ روى أنّهُ حرّم مارِية فهُو أمْثلُ فِي السّندِ، وأقْربُ إلى الْمعْنى؛ لكِنّهُ لمْ يُدوّنْ فِي صحِيحٍ، ولا عُدِّل ناقِلُهُ، كما أنّهُ رُوِي مُرْسلا.
وقدْ روى ابْنُ وهْبٍ، عنْ مالِكٍ عنْ زيْدِ بْنِ أسْلم؛ قال: «حرّم رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أُمّ ولدِهِ إبْراهِيم، فقال: أنْتِ عليّ حرامٌ؛ والله لا أتيْتُك».
فأنْزل الله فِي ذلِك: {يأيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك تبْتغِي مرْضاة أزْواجِك}.
وروى مِثْلهُ ابْنُ الْقاسِمِ عنْهُ.
وروى أشْهبُ عنْ مالِكٍ، قال: راجعتْ عُمر بْن الْخطّابِ امْرأةٌ مِنْ الْأنْصارِ فِي شيْءٍ، فاقْشعرّ مِنْ ذلِك.
وقال: ما كان النِّساءُ هكذا.
قالتْ: بلى، وقدْ كان أزْواجُ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُراجِعْنهُ.
فاحْتزم ثوْبهُ، فخرج إلى حفْصة، فقال لها: أتُراجِعِين رسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالتْ: نعمْ، ولوْ أعْلمُ أنّك تكْرهُ ما فعلْت.
فلمّا بلغ عُمر أنّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم هجر نِساءهُ قال: رغْم أنْفِ حفْصة.
وإِنّما الصّحِيحُ أنّهُ كان فِي الْعسلِ، وأنّهُ شرِبهُ عِنْد زيْنب، وتظاهرتْ عليْهِ عائِشةُ وحفْصةُ فِيهِ، وجرى ما جرى، فحلف ألّا يشْربهُ، وأسرّ ذلِك، ونزلتْ الْآيةُ فِي الْجمِيعِ.
المسألة الثّالِثةُ:
قولهُ: {لِم تُحرِّمُ} إنْ كان النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حرّم ولمْ يحْلِفْ، فليْس ذلِك بِيمِينٍ عِنْدنا فِي الْمعْنى، ولا يُحرِّمُ شيْئا قول الرّجُلِ: هذا حرامٌ عليّ، حاشا الزّوْجة.
وقال أبُو حنِيفة: إذا أُطْلِق حُمِل على الْمأْكُولِ والْمشْرُوبِ دُون الْملْبُوسِ، وكانتْ يمِينا تُوجِبُ الْكفّارة.
وقال زُفرُ: هُو يمِينٌ فِي الْكُلِّ، حتّى فِي الْحركةِ والسُّكُونِ.
وعوّل الْمُخالِفُ على أنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم حرّم الْعسل، فلزِمتْهُ الْكفّارةُ.
وقدْ قال الله تعالى فِيهِ: {قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ} فسمّاهُ يمِينا؛ وعوّل أيْضا على أنّ معْنى الْيمِينِ التّحْرِيمُ، فإِذا وُجِد ملْفُوظا بِهِ تضمّن معْناهُ كالْمِلْكِ فِي الْبيْعِ.
ودلِيلُنا قوله تعالى: {يأيُّها الّذِين آمنُوا لا تُحرِّمُوا طيِّباتِ ما أحلّ الله لكُمْ ولا تعْتدُوا إنّ الله لا يُحِبُّ الْمُعْتدِين}.
وقولهُ: {قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزل الله لكُمْ مِنْ رِزْقٍ فجعلْتُمْ مِنْهُ حراما وحلالا قُلْ آلله أذِن لكُمْ أمْ على الله تفْترُون} فذمّ الله الْمُحرِّم للحلالِ، ولمْ يُوجِبْ عليْهِ كفّارة.
وقدْ بيّنّا ذلِك عِنْد ذِكْرِ هذِهِ الْآياتِ، وهذا ينْقُضُ مذْهب الْمُخالِفِين: زُفر، وأبِي حنِيفة، وينْقُضُ مذْهب أبِي حنِيفة إخْراجُهُ اللباس مِنْهُ، ولا جواب لهُ عنْهُ، وخفِي عنْ الْقوْمِ سببُ الْآيةِ، وأنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم حلف ألّا يشْرب عسلا.
وكان ذلِك سبب الْكفّارةِ؛ وقِيل لهُ: لِم تُحرِّمُ.
وقولهُمْ: إنّ معْنى النّهْيِ تحْرِيمُ الْحلالِ فكان كالْمالِ فِي الْبيْعِ لا يصِحُّ؛ بلْ التّحْرِيمُ معْنى يُركّبُ على لفْظِ الْيمِينِ، فإِذا لمْ يُوجدْ اللفْظُ لمْ يُوجدْ الْمعْنى بِخِلافِ الْمِلْكِ فإِنّهُ لمْ يُركّبْ على لفْظِ الْبيْعِ، بلْ هُو فِي معْنى لفْظِهِ، وقدْ اسْتوْعبْنا الْقول فِي كِتابِ تخْلِيصِ التّلْخِيصِ، والْإِنْصافِ فِي مسائِلِ الْخِلافِ.
المسألة الرّابِعةُ:
إذا حرّم الزّوْجة فقدْ اخْتلف الْعُلماءُ فِي ذلِك على خمْسة عشر قولا، وجمعْناها فِي كِتابِ الْمسائِلِ، وأوْضحْناها بِما مقْصُودُهُ أنْ نقول: يجْمعُها ثلاثةُ مقاماتٍ: الْمقامُ الْأوّلُ: فِي جمِيعِ الْأقْوالِ: الْأوّلُ: أنّها يمِينٌ تُكفّرُ؛ قالهُ أبُو بكْرٍ الصِّدِّيقُ، وعائِشةُ، والْأوْزاعِيُّ.
الثّانِي قال ابْنُ مسْعُودٍ: تجِبُ فِيهِ كفّارةٌ، وليْستْ بِيمِينٍ، وبِهِ قال ابْنُ عبّاسٍ فِي إحْدى رِوايتيْهِ، والشّافِعِيُّ فِي أحدِ قوليْهِ.
الثّالِثُ: أنّها طلْقةٌ رجْعِيّةٌ؛ قالهُ عُمرُ بْنُ الْخطّابِ، والزُّهْرِيُّ، وعبْدُ الْعزِيزِ بْنُ أبِي سلمة الْماجِشُونِ.
الرّابِعُ أنّها ظِهارٌ؛ قالهُ عُثْمانُ، وأحْمدُ بْنُ حنْبلٍ.
الْخامِسُ أنّها طلْقةٌ بائِنةٌ؛ قالهُ حمّادُ بْنُ سلمة، ورواهُ ابْنُ خُويْزِ منْدادٍ عنْ مالِكٍ.
السّادِسُ أنّها ثلاثُ تطْلِيقاتٍ؛ قالهُ علِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، وزيْدُ بْنُ ثابِتٍ، وأبُو هُريْرة ومالِكٌ.
السّابِعُ قال أبُو حنِيفة: إنْ نوى الطّلاق أوْ الظِّهار كان ما نوى، وإِلّا كانتْ يمِينا وكان الرّجُلُ مُولِيا مِنْ امْرأتِهِ.
الثّامِنُ أنّهُ لا تنْفعُهُ نِيّةُ الظِّهارِ، وإِنّما يكُونُ طلاقا؛ قالهُ ابْنُ الْقاسِمِ.
التّاسِعُ قال يحْيى بْنُ عُمر: يكُونُ طلاقا، فإِنْ ارْتجعها لمْ يجُزْ لهُ وطْؤُها حتّى يُكفِّر كفّارة الظِّهارِ.
الْعاشِرُ هِي ثلاثٌ قبْلُ وبعْدُ، لكِنّهُ ينْوِي فِي الّتِي لمْ يدْخُلْ بِها فِي الْواحِدةِ؛ قالهُ مالِكٌ، وابْنُ الْقاسِمِ.
الْحادِي عشر ثلاثٌ، ولا ينْوِي بِحالٍّ، ولا فِي محِلٍّ؛ قالهُ عبْدُ الْملِكِ فِي الْمبْسُوطِ.
الثّانِي عشر هِي فِي الّتِي لمْ يدْخُلْ بِها واحِدةٌ، وفِي الّتِي دخل بِها ثلاثٌ؛ قالهُ أبُو مُصْعبٍ، ومُحمّدُ بْنُ عبْدِ الْحكمِ.
الثّالِث عشر أنّهُ إنْ نوى الظِّهار، وهُو أنْ ينْوِي أنّها مُحرّمةٌ كتحْرِيمِ أُمِّهِ كان ظِهارا، وإِنْ نوى تحْرِيم عيْنِها عليْهِ بِغيْرِ طلاقٍ تحْرِيما مُطْلقا وجبتْ كفّارةُ يمِينٍ، وإِنْ لمْ ينْوِ شيْئا فعليْهِ كفّارةُ يمِينٍ؛ قالهُ الشّافِعِيُّ.
الرّابِع عشر أنّهُ إنْ لمْ ينْوِ شيْئا لمْ يكُنْ شيْءٌ.
الْخامِس عشر أنّهُ لا شيْء عليْهِ فِيها؛ قالهُ مسْرُوقُ بْنُ ربِيعة مِنْ أهْلِ الْمدِينةِ.
ورأيْت بعْد ذلِك لِسعِيدِ بْنِ جُبيْرٍ أنّ عليْهِ عِتْق رقبةٍ، وإِنْ لمْ يجْعلْها ظِهارا.
ولسْت أعْلمُ لهُ وجْها، ولا يتعدّدُ فِي الْمقالاتِ عِنْدِي.
الْمقامُ الثّانِي فِي التّوْجِيهِ: أمّا منْ قال: إنّها يمِينٌ فقال: سمّاها الله يمِينا فِي قوله تعالى: {يأيُّها النّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحلّ الله لك} إلى قوله تعالى: {قدْ فرض الله لكُمْ تحِلّة أيْمانِكُمْ}؛ فسمّاها الله يمِينا، وهذا باطِلٌ؛ فإِنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم حلف على شُرْبِ الْعسلِ، وهذِهِ يمِينٌ كما قدّمْنا.
وأمّا منْ قال: تجِبُ فِيها كفّارةٌ وليْستْ بِيمِينٍ فبناهُ على أمْريْنِ: أحدُهُما أنّهُ ظنّ أنّ الله أوْجب الْكفّارة فِيها ولمْ تكُنْ يمِينا؛ وقدْ بيّنّا فساد ذلِك.
الثّانِي: أنّ معْنى الْيمِين عِنْدهُ التّحْرِيمُ، فوقعتْ الْكفّارةُ على الْمعْنى، ونحْنُ لا نقول بِهِ. وقدْ بيّنّا فساد ذلِك فِيما تقدّم وفِي مسائِلِ الْخِلافِ.
وأمّا منْ قال: إنّهُ طلْقةٌ رجْعِيّةٌ، فبناهُ على أصْلٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ؛ وهُو حمْلُ اللفْظِ على أقلِّ وُجُوهِهِ، والرّجْعِيّةُ مُحرِّمةُ الْوطْءِ، فيُحْملُ عليْهِ اللفْظُ، وهذا يلْزمُ مالِكا لِقولهِ: إنّ الرّجْعِيّة مُحرِّمةُ الْوطْءِ.
وكذلِك وجْهُ منْ قال: إنّهُ ثلاثٌ، فحملهُ على أكْبرِ معْناهُ؛ وهُو الطّلاقُ الثّلاثُ.
وقدْ بيّنّا ذلِك فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ومسائِلِ الْخِلافِ.
وأمّا منْ قال: إنّهُ ظِهارٌ فبناهُ على أصْليْنِ: أحدُهُما أنّهُ أقلُّ درجاتِ التّحْرِيمِ فإِنّهُ تحْرِيمٌ لا يرْفعُ النِّكاح.
وأمّا منْ قال: إنّهُ طلْقةٌ بائِنةٌ فعوّل على أنّ الطّلاق الرّجْعِيّ لا يُحرِّمُ الْمُطلّقة، وأنّ الطّلاق الْبائِن يُحرِّمُها؛ لِأنّهُ لوْ قال لها: أنْتِ طالِقٌ لا رجْعة لِي عليْك نفذ وسقطتْ الرّجْعةُ، وحُرِّمتْ؛ فكذلِك إذا قال لها: أنْتِ حرامٌ عليّ فإِنّهُ يكُونُ طلاقا بائِنا معْنوِيّا، وكأنّهُ ألْزم نفْسهُ معْنى ما تقدّم ذِكْرُهُ مِنْ إنْفاذِ الطّلاقِ وإِسْقاطِ الرّجْعةِ.
ونحْنُ لا نُسلِّمُ أنّهُ ينْفُذُ قولهُ: أنْتِ طالِقٌ لا رجْعة لِي عليْك؛ فإِنّ الرّجْعة حُكْمُ الله، ولا يجُوزُ إسْقاطُهُ إلّا بِما أسْقطهُ الله مِنْ الْعِوضِ الْمُقْترِنِ بِهِ، أوْ الثّلاثِ الْقاضِيةِ عليْهِ والْغايةِ لهُ.
وأمّا قول منْ قال وهُو أبُو حنِيفة إنّها تكُونُ عارِيّة عنْ النِّيّةِ يمِينا فقدْ تقدّم بُطْلانُهُ.
وأمّا نفْيُ الظِّهارِ فِيهِ فينْبنِي على أنّ الظِّهار حُكْمٌ شرْعِيٌّ يخْتصُّ بِمعْنى، فاخْتصّ بِلفْظٍ، وهذا إنّما يلْزمُ لِمنْ يرى مُراعاة الْألْفاظِ؛ ونحْنُ إنّما نعْتبِرُ الْمعانِي خاصّة، إلّا أنْ يكُون اللفْظُ تعبُّدا.
وأمّا قول يحْيى بْنِ عُمر فإِنّهُ احْتاط بِأنْ جعلهُ طلاقا؛ فلمّا ارْتجعها احْتاط بِأنْ ألْزمهُ الْكفّارة.
وهذا لا يصِحُّ؛ لِأنّهُ جمع بيْن الْمُتضادّيْنِ، فإِنّهُ لا يجْتمِعُ ظِهارٌ وطلاقٌ فِي معْنى لفْظٍ واحِدٍ، فلا وجْه للاحْتِياطِ فِيما لا يصِحُّ اجْتِماعُهُ فِي الدّلِيلِ.
وأمّا منْ قال: إنّهُ ينْوِي فِي الّتِي لمْ يدْخُلْ بِها فلِأنّ الْواحِدة تُبِينُها وتُحرِّمُها شرْعا إجْماعا.
وكذلِك قال منْ لمْ يحْكُمْ بِاعْتِبارِ نِيّتِهِ: إنّ الْواحِدة تكْفِي قبْل الدُّخُولِ فِي التّحْرِيمِ بِالْإِجْماعِ، فيكْفِي أخْذا بِالْأقلِّ الْمُتّفقِ عليْهِ؛ فإِنّ الطّلاق الرّجْعِيّ مُخْتلفٌ فِي اقْتِضائِهِ التّحْرِيم فِي الْعِدّةِ.
وأمّا منْ قال: إنّها ثلاثٌ فِيهِما فلِأنّهُ أخذ بِالْحُكْمِ الْأعْظمِ فإِنّهُ لوْ صرّح بِالثّلاثِ لنفذتْ فِي الّتِي لمْ يدْخُلْ بِها نُفُوذها فِي الّتِي دخل بِها.
ومِنْ الْواجِبِ أنْ يكُون الْمعْنى مِثْلهُ وهُو التّحْرِيمُ.
وأمّا الْقول الثّالِث عشر فيرْجِعُ إلى إيجابِ الْكفّارةِ فِي التّحْرِيمِ، وقدْ تقدّم فسادُهُ.
وأمّا منْ قال: لا شيْء فِيها فعُمْدتُهُمْ أنّهُ كذِبٌ فِي تحْرِيمِ ما أحلّ الله، واقْتحم ما نهى الله عنْهُ بِقوله تعالى: {لا تُحرِّمُوا طيِّباتِ ما أحلّ الله لكُمْ} وإِنّما يكُونُ التّحْرِيمُ فِي الشّرْعِ مُرتّبا على أسْبابِهِ؛ فأمّا إرْسالُهُ مِنْ غيْرِ سببٍ فذلِك غيْرُ جائِزٍ.
والصّحِيحُ أنّها طلْقةٌ واحِدةٌ؛ لِأنّهُ لوْ ذكر الطّلاق لكان أقلّهُ وهُو الْواحِدةُ، إلّا أنْ يُعدِّدهُ، كذلِك إذا ذكر التّحْرِيم يكُونُ أقلّهُ، إلّا أنْ يُقيِّدهُ بِالْأكْثرِ؛ مِثْل أنْ يقول: أنْتِ عليّ حرامٌ إلّا بعْد زوْجٍ، فهذا نصٌّ على الْمُرادِ.
وقدْ أحْكمْنا الْأسْئِلة والْأجْوِبة فِي مسائِلِ الْخِلافِ والتّفْرِيعِ.
الْمقامُ الثّالِثُ فِي تصْوِيرِها، وأخّرْناهُ فِي الْأحْكامِ القرآنيّةِ لِما يجِبُ مِنْ تقْدِيمِ معْنى الْآيةِ، واسْتقْدمْناهُ فِي مسائِلِ الْخِلافِ والتّفْرِيعِ؛ لِيقع الْكلامُ على كُلِّ صُورةٍ مِنْها.
وعددُ صُورِها عشْرةٌ:
الْأُولى: قولهُ: حرامٌ.
الثّانِيةُ: قولهُ: عليّ حرامٌ.
الثّالِثةُ: أنْتِ حرامٌ.
الرّابِعةُ: أنْتِ عليّ حرامٌ.
الْخامِسةُ: الْحلالُ عليّ حرامٌ.
السّادِسةُ: ما أنْقلِبُ إليْهِ حرامٌ.
السّابِعةُ: ما أعِيشُ فِيهِ حرامٌ.
الثّامِنةُ: ما أمْلِكُهُ حرامٌ عليّ.
التّاسِعةُ: الْحلالُ حرامٌ.
الْعاشِرةُ أنْ يُضِيف التّحْرِيم إلى جُزْءٍ مِنْ أجْزائِها.
فأمّا الْأُولى، والثّانِيةُ، والتّاسِعةُ فلا شيْء عليْهِ فِيها؛ لِأنّهُ لفْظٌ مُطْلقٌ لا ذِكْر للزّوْجةِ فِيهِ، ولوْ قال: ما أنْقلِبُ إليْهِ حرامٌ فهُو ما يلْزمُهُ فِي قولهِ: الْحلالُ عليّ حرامٌ أنّهُ يدْخُلُ فِيهِ الزّوْجةُ، إلّا أنْ يُحاشِيها.
ولا يلْزمُهُ شيْءٌ فِي غيْرِها مِنْ الْمُحللاتِ، كما تقدّم بيانُهُ.
واخْتلف عُلماؤُنا فِي وجْهِ الْمُحاشاةِ، فقال أكْثرُ أصْحابِنا: إنْ حاشاها بِقلْبِهِ خرجتْ.
وقال أشْهبُ: لا يُحاشِيها إلّا بِلفْظِهِ، كما دخلتْ فِي لفْظِهِ.
والصّحِيحُ جوازُ الْمُحاشاةِ بِالْقلْبِ بِناء على أنّ الْعُمُوم يخْتصُّ بِالنِّيّةِ.
وأمّا إضافةُ التّحْرِيمِ إلى جُزْءٍ مِنْ أجْزائِها فشأْنُهُ شأْنُهُ فِيما إذا أضاف الطّلاق إلى جُزْءٍ مِنْ أجْزائِها، وهِي مسْألةُ خِلافٍ كبِيرةٌ.
قال مالِكٌ والشّافِعِيُّ: يُطلِّقُ فِي جمِيعِها، وقال أبُو حنِيفة: يلْزمُهُ الطّلاقُ فِي ذِكْرِ الرّأْسِ ونحْوِهِ، ولا يلْزمُهُ الطّلاقُ فِي ذِكْرِ الْيدِ ونحْوِها؛ وذلِك فِي كُتُبِ الْمسائِلِ الْخِلافِيّةِ والتّفْرِيعِيّةِ.
المسألة الْخامِسةُ:
إذا حرّم الْأمة لمْ يلْزمْهُ تحْرِيمٌ، وقدْ قال الشّافِعِيُّ فِي أحدِ قوليْهِ: تلْزمُهُ الْكفّارةُ، وساعدهُ سِواهُ، فإِنْ تعلّقُوا بِالْآيةِ فلا حُجّة فِيها، وإِنْ تعلّقُوا بِأنّ الظِّهار عِنْدنا يصِحُّ فِيها فلا يلْزمُ ذلِك؛ لِأنّا بيّنّا أنّ الظِّهار حُكْمٌ مُخْتصٌّ لا يلْحقُ بِهِ غيْرُهُ.
وقدْ قال عُلماؤُنا: إنّما صحّ ظِهارُهُ فِي الْأمةِ لِأنّها مِنْ النِّساءِ، وقدْ بيّنّا ذلِك فِي سُورةِ الْمُجادلةِ، وأوْضحْنا أيْضا أنّ الْأمة مِنْ الْمُحللاتِ، فلا يلْحقُها التّحْرِيمُ كالطّعامِ واللباسِ، وما لهُمْ مِنْ شُبْهةٍ قدْ تقصّيْنا عنْها فِي مسائِلِ الْإِنْصافِ.
الْآيةُ الثّانِيةُ قوله تعالى: {يأيُّها الّذِين آمنُوا قُوا أنْفُسكُمْ وأهْلِيكُمْ نارا وقُودُها النّاسُ والْحِجارةُ عليْها ملائِكةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يعْصُون الله ما أمرهُمْ ويفْعلُون ما يُؤْمرُون} فِيها أرْبعُ مسائِل:
المسألة الْأُولى:
قوله تعالى: {قُوا}: قال عُلماءُ التّفْسِيرِ: معْناهُ اصْرِفُوا، وتحْقِيقُها اجْعلُوا بيْنكُمْ وبيْنها وِقاية.
ومِثْلُهُ قول النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اتّقُوا النّار ولوْ بِشِقِّ تمْرةٍ، فإِنْ لمْ تجِدُوا فبِكلِمةٍ طيِّبةٍ».
المسألة الثّانِيةُ:
فِي تأْوِيلِها، وفِيهِ ثلاثةُ أقْوالٍ: الْأوّلُ: أنّ معْناهُ قُوا أنْفُسكُمْ، وأهْلِيكُمْ فلْيقُوا أنْفُسهُمْ.
الثّانِي: قُوا أنْفُسكُمْ ومُرُوا أهْلِيكُمْ بِالذِّكْرِ والدُّعاءِ.
الثّالِثُ: قُوا أنْفُسكُمْ بِفِعالِكُمْ وأهْلِيكُمْ بِوصِيّتِكُمْ إيّاهُمْ؛ قالهُ علِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، وهُو الصّحِيحُ، والْفِقْهُ الّذِي يُعْطِيهِ الْعطْفُ الّذِي يقْتضِي التّشْرِيك بيْن الْمعطوف والْمعطوف عليْهِ فِي معْنى الْفِعْلِ، كقولهِ:
علفْتها تِبْنا وماء بارِدا

وكقولهِ:
ورأيْت زوْجك فِي الْوغى ** مُتقلِّدا سيْفا ورُمْحا

فعلى الرّجُلُ أنْ يُصْلِح نفْسهُ بِالطّاعةِ، ويُصْلِح أهْلهُ إصْلاح الرّاعِي للرّعِيّةِ؛ ففِي صحِيحِ الْحديث أنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مسْئُولٌ عنْ رعِيّتِهِ، فالْإِمامُ الّذِي على النّاسِ راعٍ وهُو مسْئُولٌ عنْهُمْ، والرّجُلُ راعٍ على أهْلِ بيْتِهِ وهُو مسْئُولٌ عنْهُمْ».
وعنْ هذا عبّر الْحسنُ فِي هذِهِ الْآيةِ بِقولهِ: يأْمُرُهُمْ وينْهاهُمْ.
وقدْ روى عمْرُو بْنُ شُعيْبٍ عنْ أبِيهِ عنْ جدِّهِ عنْ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أبْناءكُمْ بِالصّلاةِ لِسبْعٍ، واضْرِبُوهُمْ عليْها لِعشْرٍ، وفرِّقُوا بيْنهُمْ فِي الْمضاجِعِ». خرّجهُ جماعةٌ.
وهذا لفْظُ أبِي داوُد، وخُرِّج أيْضا عنْ سمُرة عنْ أبِيهِ عنْ جدِّهِ قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا الصّبِيّ بِالصّلاةِ إذا بلغ سبْع سِنِين، فإِذا بلغ عشْر سِنِين فاضْرِبُوهُمْ عليْها».
وكذلِك يُخْبِرُ أهْلهُ بِوقْتِ الصّلاةِ، ووجُوبِ الصِّيامِ، ووجُوبِ الْفِطْرِ إذا وجب، مُسْتنِدا فِي ذلِك إلى رُؤْيةِ الْهِلالِ.
وقدْ روى مُسْلِمٌ أنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوْتر يقول: «قُومِي فأوْتِرِي يا عائِشةُ».
ورُوِي أنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «رحِم الله امْرأ قام مِنْ الليْلِ يُصلِّي فأيْقظ أهْلهُ، فإِنْ لمْ تقُمْ رشّ وجْهها بِالْماءِ، رحِم الله امْرأة قامتْ مِنْ الليْلِ تُصلِّي وأيْقظتْ زوْجها، فإِنْ لمْ يقُمْ رشّتْ على وجْهِهِ مِنْ الْماءِ».
ومِنْهُ قولهُ عليه السلام: «أيْقِظُوا صواحِب الْحُجرِ».
ويدْخُلُ هذا فِي عُمُومُ قوله تعالى: {وتعاونُوا على الْبِرِّ والتّقْوى} وقدْ تقدّم.
المسألة الثّالِثةُ:
وكما يُؤدِّبُ ولدهُ فِي مصْلحتِهِمْ فكذلِك يُؤدِّبُ أهْلهُ فِيما يُصْلِحُهُ ويُصْلِحُهُمْ أدبا خفِيفا على طرِيقِ التّعْزِيرِ.
وليْس يدْخُلُ ذلِك فِي شرْطِها الْمُحْدثِ الّذِي يكْتُبُهُ الْمُتصدِّرُون ويقولون: ولا يضْرِبُها فِي نفْسِها، فإِنْ فعل فأمْرُها بِيدِها؛ فيظُنُّ الْمُتصدِّرُون مِنْ الْمُفْتِين أنّهُ إذا أراد أدبها كان أمْرُها بِيدِها، وليْس كذلِك، إنّما يجِبُ لها الْخِيارُ إذا كان ضرْبُها ابْتِداء، أوْ على غيْرِ سببٍ مُوجِبٍ لِذلِك، وهُو الضّررُ.
فأمّا ما يُصْلِحُ الزّوْج ويُصْلِحُ الْمرْأة فليْس ضررا، وقدْ تكلّمْنا على حدِّ الضّررِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، وبيّنّا حدّهُ الّذِي يُخْرِجُ عنْ الْحُدُودِ والْآدابِ، فلْيُنْظرْ هُنالِك.
والتّقْرِيبُ فِيهِ الْآن أنْ يُقال: إنّهُ الْألمُ الّذِي لا نفْع معهُ يُوازِيهِ أوْ يرْبى عليْهِ.
المسألة الرّابِعةُ:
مِنْ وِقايةِ الرّجُلِ أهْلهُ إقامةُ الرّجُلِ حدّهُ على عبْدِهِ وأمتِهِ.
وقدْ بيّنّا ذلِك فِي سُورةِ النِّساءِ وغيْرِها.
الْآيةُ الثّالِثةُ قوله تعالى: {يا أيُّها النّبِيُّ جاهِدِ الْكُفّار والْمُنافِقِين واغْلُظْ عليْهِمْ ومأْواهُمْ جهنّمُ وبِئْس الْمصِيرُ}.
وقدْ تقدّمتْ فِي سُورةِ براءةٌ. اهـ.